- الرئيسية
- الأخبار
- قصص من الحصار
- نزوح ملطخ بالفقر والموت
نزوح ملطخ بالفقر والموت
اضطرت عائلة أبو علي لترك منزلها في بلدة العتيبة، وبدأت رحلة معاناتها مع النزوح عقب الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام على بلدتهم.
تنقّلت عائلة "أبو علي" الرجل البسيط بين بلدات الغوطة الشرقية ومع كل رحلة تهجير تفاصيل مؤلمة وقصص كثيرة إلى أن استقر به الحال في مدينة زملكا في الغوطة الشرقية، حيث أووا إلى منزل متواضع في أحد أفقر أحياء المدينة، "حي المزرعة" الذي تم استهدافه بالسلاح الكيماوي من قبل النظام عام 2013.
أقام أبو علي في الحي مع العديد من أهالي المرج بعد أن أصبح الحي خالياً من السكان عقب المجزرة.
أُصِيبَ أبو علي عام 2015 إصابةً بالغة جراء قصف الطيران الحربي على إحدى مدن #الغوطة، حيث مُنِعَ بعدها من العمل وأصبح ابنه الوحيد علي (12 عاماً) معيل العائلة الوحيد، وهنا تدهورت أوضاع العائلة المحاصرة بشكلٍ كبير ولم تعد قادرةً على تأمين قوت يومها.
تولى علي ذو الاثني عشر ربيعاً وأخوه زكريا الأصغر منه، مهمة البحث عن الطعام يومياً لتأمينه للأب المصاب وبقية العائلة، وأخذا يعملان ضمن ظروفٍ قاسيةٍ بعد أن تركا مدرستهما، فتارة يجمعان الحطب من الأماكن المدمرة، وتارة أخرى يجمعان البلاستيك ويبيعانه، وأحياناً يتسولان من أجل جمع ثمن ربطة خبز تسدُّ الرمق.
لم تنته معاناة العائلة عند هذا الحد، وازدادت معاناتهم مع استشهاد والدهم "أبي علي" في الشهر الرابع من العام الجاري، وحاولت الأم أن تبقى قوية رغم جراحها، وقلة حيلتها، وأن تحافظ على العائلة،
كان همها الأول كيف تُسْكِتُ جوع البطون الصغيرة التي لم تذق طعم الرفاهية والهناء منذ بداية نزوحهم!.
مرَّت الأيام وبدأت أم علي تفكر بأخذِ أطفالها في نزهةٍ صغيرةٍ لتطعمهم ما يشتهونه بعد استلام الكفالة النقدية الشهرية، وبدأ الأطفال يخططون لذلك اليوم الموعود، وما إن أتى صباح يوم الأحد الماضي حتى لبس الأطفال ثيابهم، وتهيؤوا للخروج مع أمهم، لتحقيق حلمهم، الذي لطالما حلموا به بتناول ما يشتهونه من الحلويات والأطعمة اللذيذة.
خرجت العائلة من المنزل، وبعد أقل من دقيقتين سُمِعَ انفجارٌ ضخمٌ هزَّ مدينة #زملكا، هُرِعَتْ سياراتُ الإسعاف إلى المكان لتسعف المصابين والجرحى، وبعد نصف ساعة تبيّن أن أم علي وطفليها أصيبوا برضوض، فيما استشهدت طفلتها "تركية"، وما زال الطفل الرابع مفقوداً، والأم تسأل عن أطفالها وهي تبكي، وكل من يراها يتألم لحالها، ومرّت ساعةٌ ولم يأتِ خبرٌ عن "زكريا" الطفل المفقود، أما طفلها الأكبر "علي" كان مشغولاً بعمله في حفر الخنادق على خطوط الجبهة ولم يكن يعلم ما حلَّ بعائلته.
أتى العم مسرعاً إلى المشفى كي يواسي الأمّ واصطحب الجميع لمنزله، ثم اتجه مع أقاربه لدفن "تركية" وبينما هم في المقبرة، سمعوا صوت سيارة إسعاف وتفاجؤوا أن "زكريا" بداخلها، مُكّفَّناً وملفوفاً بثوب أصفر.. أصيب الجميع بالدهشة، وبكت قلوبهم دماً لما حلَّ بالعائلة.
أم علي في هذه اللحظات كانت في المنزل تنتظر قدوم طفلها زكريا كي يواسيها بوفاة أخته تركية، ولم تكن تعلم أن زكريا قرر أن يكون بجانب أخته تركية، التي لطالما لعب معها أمام المنزل.
وعندما وصل خبر استشهاد زكريا إلى والدتهم، هرعت مسرعة لمكان الدفن، لكنها وصلت بعد دفن الطفلين، لأن وجه زكريا ورأسه كانا مشوهين بشكل كبير.
لم تنته القصة بعد، وسنترك لكم تصور حجم المأساة والألم الذي سيرافق هذه العائلة بعد هذا اليوم، وكل ما قرأتموه ليس إلا جزءاً من معاناة سكان الغوطة الشرقية، فهل سنجد من يقف بجانبها لينقذها من جحيم النظام وأعوانه.
المصدر: مركز الغوطة الإعلامي GMC