- الرئيسية
- الأخبار
- تقارير إنسانية
- صراع البقاء /تقرير مفصل عن الأوضاع الإنسانية في الغوطة الشرقية 2/
صراع البقاء /تقرير مفصل عن الأوضاع الإنسانية في الغوطة الشرقية 2/
الغوطـة الشـرقية أو كما كانت تسمى سلة دمشق الغذائية تتبع إدارياً لمحافظة ريف دمشق وتتكون من عدة مناطق ونواحي منها منطقتا دومـا والمليحة ونواحي كفربطنا وحرسـتا والنشـابية وعربين، وأثناء الصراع قسمت إلى أربعـة قطاعات، قطـاع دومـا ويضم قضاء دومـا، القطاع الأوسـط ويضم نواحي عربيـن وكفربطنا وحرسـتا، قطـاع المرج ويضم ناحيـة النشـابية وقضائها، القطـاع الجنوبـي ويضم منطقة المليحـة.
ثلاثة وخمسونَ بلدة تشكل بمجموعها أرض الغوطة ولكن بعد دخول الثورة عامها السابع لم يبق منها سوى واحد وعشرونَ بلدة بعد أن تحولت باقي البلدات إلى ساحات معارك وتم تهجير سكانها إلى أوسطها الذي مازال حُراً كما يُطلقْ عليه من قبل المعارضة ومناصريها وترزح حتى ساعة إعداد التقرير تحت براثن الفقر والاكتظاظ السكاني المخيف.
لم تتمكن الهيئات الدولية بكل أطيافها وتسمياتها من حماية (360075) مدنياً جلهم من الأطفال والنساء يقبعون ضمن سجن كبير وقد حرموا أدنى مقومات الحياة بالرغم من كل التقارير والمناشدات الإنسانية الصادرة من منظمات عاملة داخل الغوطة وخارجها، ليتناسى العالم الواقع الإنساني المرير الذي وصل إلى أدنى مستوياته حيث تتزايد مخاطر خسارة المزيد من أرواح المدنيين الأبرياء مع استمرار تلك الأوضاع المتردية.
خلال الشهر الجاري ازدادت وتيرة النزوح الداخلي بشكل ملحوظ على الرغم من دخول منطقة الغوطة الشرقية ضمن اتفاق خفض التصعيد، فلقد وثقت نقاط المكتب الإغاثي الموحد المنتشرة في كافة أحياء وقرى الغوطة الشرقية نزوح 2312 عائلة خلال الأيام الأخيرة التي سبقت إعداد التقرير من بلدات حرستا ومديرا فقط نتيجة القصف المكثف فضلاً عن المعاناة المضاعفة التي عاشها بعض النازحين في التنقل المتكرر بسبب عدم وجود أماكن آمنة يلجؤون إليها كون القصف عم كافة بلدات الغوطة الشرقية من جهة ومحدودية وجود منازل مؤهلة للسكن تقي برودة الشتاء من جهة أخرى.
يمثل الوصول إلى السكان المحتاجين معضلة في شرقي دمشق فقد عمدت قوات النظام إلى إحكام الحصار على المدنيين وحرمانهم من الحصول على مقومات البقاء على قيد الحياة، وذلك من خلال اللجوء إلى ضرب البنى التحتية ومنعهم من الحصول على الإمدادات الغذائية والدوائية والرعاية الطبية واغلاق الممر الإنساني الوحيد الذي يربط العاصمة دمشق بالمناطق المحاصرة مما أدى إلى نتائج إنسانية كارثية بحق العديد من الأطفال والنساء وزيادة عدد حالات سوء التغذية والحالات المرضية والأمراض المزمنة ممن هم بحاجة فورية للخروج من الغوطة لتلقي العلاج بسبب افتقار الغوطة للأدوية والأجهزة الطبية والكوادر المتخصصة حيث أدى ذلك إلى تسجيل عدة حالات وفيات في الآونة الأخيرة.
- الواقع المعاشي لعائلات الغوطة الشرقية:
- الناتج المحلي:
يؤثر الحصار والقصف تأثيراً ملحوظاً على قطاعات الناتج المحلي وفقاً للآتي:
- استراتيجيات التأقلم السلبية:
تقوم عائلات الغوطة المحاصرة التي لا تمتلك دخلاً أو محدودة الدخل بترتيب أولوية احتياجاتها الأساسية لبقائها على قيد الحياة، رغم أن أفرادها قد لا يكونون قادرين على الوفاء باحتياجاتهم مما دفع بهم إلى اللجوء لاستراتيجيات التأقلم السلبية والتي يمكن أن تتلخص بما يلي:
- استراتيجية التخفيف من كم أو نوع الغذاء: على سبيل المثال: تتناول معظم عائلات الغوطة وجبة طعام واحدة يومياً غير متوازنة، في حين تعتمد بعض العائلات على الخضراوات والخبز العلفي غير المخصص للإنسان والأغذية منتهية الصلاحية والفاسدة بديلاً عن الأغذية ذات القيمة بسبب قلة توفر هذه المواد وارتفاع أسعارها مما تسبب بانتشار الآفات المرضية وأمراض سوء التغذية.
- استراتيجية اللجوء الاضطراري لمشاركة المأوى: أجبر النزوح الداخلي الأسر المحاصرة على المشاركة في استراتيجيات التأقلم السلبية التي تضعهم أمام خطر محتم بالتعرض للعنف القائم على النوع وغير ذلك من المخاطر المرتبطة بالحماية.
على سبيل المثال: يمكن أن تؤدي مشاركة المأوى مع الآخرين إلى الازدحام الشديد، مما يثير مخاطر نقص الخصوصية والاستغلال الجنسي. - استراتيجية الاعتماد على الأعمال اليدوية البدائية: على سبيل المثال: بسبب ارتفاع أسعار الوقود وتوقف المحركات وشبكات المياه أصبح الأهالي يعتمدون على الأطفال في استخراج مياه الشرب وفي جر العربات كبديل عن القوى المحركة مما يشكل تهديداً لحياة الأطفال ومستقبلهم.
- استراتيجية البحث عن مصادر طاقة: حيث بات حرق الألبسة لأعمال الطهي والتدفئة وعملية تقطير البلاستيك والفيول بغرض استخراج المحروقات أثر بشكل سلبي على صحة الإنسان والبيئة كون عملية الحرق تجري ضمن المناطق المأهولة بالسكان.
- استراتيجية البحث عن مصادر دخل بديلة: على سبيل المثال: يمكن أن يعرض التسول "كوسيلة للحصول على الدخل" الأفراد خصوصاً النساء والأطفال والفتيات للاستغلال والتحرش وربما التعدي البدني أو الجنسي والآفات الاجتماعية.
حيث يؤدي انعدام دخل الأسرة أو انخفاضه بشكل واضح إلى تقويض التحاق الأطفال بالمدارس، والقدرة للحصول على الخدمات الصحية في أوساط الأسر الفقيرة كما أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى انخفاض ميزانيات الأسرة المعيشية، وزيادة المخاطر بأن تتجاوز الأسرة الضعيفة تعليم أبنائها، وأن تتخذ إجراءات أخرى لتعزيز دخل الأسرة، ومن بين هذه الإجراءات السماح للأطفال بالعمل في الشوارع، وهو أسوء أشكال عمل الأطفال إذ يمكن أن تهدد إلى درجة كبيرة صحة الأطفال وحمايتهم ويعد الأطفال المراهقون أكثر الشرائح عرضة لتبني السلوكيات الخطيرة وآليات التأقلم والتي غالباً ما تضعهم أمام خطر أكبر يتمثل في إساءة التعامل والاستغلال.
-
استهداف أماكن العمل الإنساني:
يؤثر استهداف أماكن العمل الإنساني من قبل قوات النظام في حرمان السكان المتضررين من الوصول إليها للحصول على المساعدة، إذ تم تسجيل عدد من حالات عدم احترام المبادئ الإنسانية الأساسية خلال الأعوام الماضية نتيجة تعرض أماكن العمل الإنساني إلى حالات القصف بالرغم من التصريح عنها.
وفي حالات معينة قامت قوات النظام بتكثيف عمليات استهداف العاملين في المجال الإنساني على نحو متعمد فخلال أعوام الصراع المنصرمة قضى العشرات من موظفي العمل الإنساني أثناء أداء واجبهم في توزيع المساعدات الإنسانية إلى الفئات الضعيفة حيث وثق المكتب الإغاثي الموحد وحده منذ بداية الصراع مقتل 23 شخصاً من كوادره أثناء إيصال المساعدة للفقراء والمحتاجين.
- الاستجابة الخجولة لمعاناة الفئات الضعيفة في الغوطة:
- دخول قوافل مساعدات الأمم المتحدة:
تحت الضغط الدولي سمحت قوات النظام التي تفرض الحصار خلال الأيام لوكالات الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري بإدخال بعض المساعدات الإنسانية الملحة لمن يرزحون تحت وطأة الحصار إلا أن هذه المساعدات البسيطة لم تخفف من مأساة المدنيين في الغوطة وبخاصة الفئات الأكثر ضعفاً، إذ تم توثيق دخول القوافل على مرحلتين:
المرحلة الأولى:
- بتاريخ 30/10/2017 دخلت قافلة مساعدات أممية تتضمن / 8000 / سلة إغاثية وبعض المواد الطبية علماً أن الكمية المدخلة ضمن القافلة لا تغطي احتياج سوى 10% من عائلات الغوطة لأيام محدودة.
المرحلة الثانية:
- بتاريخ 14/11/2017 دخلت قافلة المساعدات الأممية الثانية وتتضمن / 4200 / سلة إغاثية وبعض المواد الطبية، كانت هذه الكمية أقل من سابقتها إذ لا تغطي احتياجات سوى 5% من عائلات الغوطة لأيام محدودة.
لا يتوفر في غوطة دمشق الشرقية أي من سبل حماية المدنيين فقد استمر انتهاك اتفاقية خفض التصعيد من قبل قوات النظام في الأيام التي تلت دخول قوافل المساعدات حيث تم تسجيل عدة خروقات:
أولها بعد دخول القافلة الأولى بيوم واحد فقط حين جرى استهداف مدرستين في بلدة جسرين بشكل مباشر بالصواريخ مما أدى إلى وفاة عدد من الأطفال قبل أن يتناولوا من طحين قوافل المساعدات التي دخلت لإنقاذهم من الجوع.
وبعد دخول قافلة المساعدات الأممية الثانية جرى استهداف مستودعات المساعدات الأممية بشكل مباشر مما أدى إلى تضرره وتلف قسم كبير من المساعدات قبيل توزيعها على المحاصرين المتأثرين بويلات النزاع.
-
دور المنظمات الإنسانية المانحة في الاستجابة:
خلال العام الجاري انخفض حجم المشاريع المنفذة داخل الغوطة، الأمر الذي أدى إلى زيادة الفجوة بين حجم الدخل المتحقق والاحتياجات للعوائل في وقت تتزايد فيه أسعار السلع بشكل جنوني إذ بلغت عشرة أضعاف عما كانت عليه في الأشهر الأولى من العام الجاري فضلاً عن فقدان العديد منها في الوقت الحالي نتيجة إطباق الحصار على الغوطة.
الحلول الممكنة لوقف معاناة أهالي الغوطة:
- توجيه قدرات المنظمات العاملة في المجال الإنساني من أجل لعب دور أكبر في الاستجابة الإنسانية لزيادة عدد الأشخاص المستفيدين من المساعدات وذلك بسبب اشتداد الحصار في الآونة الأخيرة واستمرار حالات عدم الاستقرار والنزوح الداخلي والفقر على نطاق واسع.
- يحتاج الأشخاص المتأثرون إلى تكثيف برامج تأمين سبل العيش وغير ذلك من البرامج التنموية من أجل خلق الوظائف لسد احتياجاتهم.
وأخيراً..
مشكلة الغوطة الرئيسية هي حالة عدم الاستقرار والحصار الناتج عن إغلاق الطرقات والمعابر ولا حل جذري للمعاناة سوى ايقاف آلة القصف وفك الحصار بشكل فوري والسماح بدخول السلع والبضائع والمحروقات والأدوية وغيرها إلى السكان المحاصرين لإنهاء واقع صراعهم من أجل البقاء.
تستند أرقام هذا التقرير إلى:
قسم الإحصاء والتوثيق المركزي في المكتب الإغاثي الموحد
للاطلاع على التقرير كشرائح عرض ⇓
لتحميل التقرير كملف PDF اضغط هنا